إنسان على فيسبوك

قراءة في رواية أكفان بلا جيوب - إسلام زيدان

1
 استمتعت برواية أجدها من وجهة نظري الشخصية من أفضل ما قرأت عن أدب وروايات البحر ... فالرواية تأخذك في مساراتها ودروبها التي تختلط برائحة يود البحر المتوسط وتعود للخلف فتقتحم تاريخا بعيدا فوق جبال الشمال التونسي وتغلفك الأحداث وتنسيك الزمن بين تنقلاتها السلسة المرنة ما بين سارة وبشير.
بغلاف أنيق ومتميز ل دار إنسان للنشر والتوزيع وبجودة نص رائعة للدكتورة رفقة المناكري -Refka Mnakri تدور أحداث الرواية، منذ السطر الأول اسرتني الكلمات المعتنى بها جيدا والمزينة بعلامات الإعرابية والتشكيل مما يزيد بريقها بريقا وتألقها رونقا فريدا، اختتارت الكاتبة الكلمات بعناية ودقة دون سرد مبالغ او انتقاص من حق الاحداث.
نقلت الكاتبة الحالة النفسية للبطلة ذات الإحتياجات الخاصة قوية الثقافة والتعليم ضعيفة الشخصية بجودة فائقة، وكذلك رسمت شخصية البطل بشير الصياد الأعرج الذي يميل الى الوحدة والإختلاء بالبحر في اسفاره وعلاقاتهما بأمهاتهم كأحسن ما يكون. كذلك نقلت صورة من الريف التونسي وقارنته بحياة المدينة فما بين عادات اهل القرى وتقاربهم وبين اهل المدن وتباعدهم فروقا شاسعة، إلا أنها لم تفرط في الحديث عن المدينة سوى لغاية سرد الحدث فلا يجد القارئ استطراد او يصيبه ملل .. الأمر الذي ذكرني برباعية العابرون للبشير بن سلامة وهي من النقاط المميزة بالأدب الروائي التونسي من حيث الانتقال بالاحداث بين أجواء مختلفة وأماكن متفرقة ما بين الريف والحضر والتي يغلب عليها جو الخضرة والاشجار والحدائق فتظل طوال فترة قرائتك في تخيل لتك الصور.
الرواية ذات قالب رومانسي نفسي تغمرها مشاهد انسانية فريدة، فالجزء الخالص بمغامرة بشير بعرض البحر وانتقاله على مركب المهاجرين الأفارقة لهو أول نص من نوعه أقوم بقرائته في أدبنا المعاصر، قد اغفل عن نصوص مشابهة لكتاب آخرين ولكن التجارب المشابهة تتناول الهجرة والفرار من سورية كما في كتابات حنا مينة او ثلاثية محال ليوسف زيدان حيث انتقل البطل رغما عنه بين الدول .. ولكن تعرض بشير الى أولئك الفقراء المهاجرين من قلب افريقيا وصولا الى السواحل الاوروبية له أسبقية في العرض.
الشخصيات بالرواية تتباين وان كان الضوء مسلط على شخصيتين فهناك اخرين جديرين بالتعاطف معهم والبكاء على مصيرهم.
النهاية شبه المفتوحة للرواية والتي تترك بداخلك تساؤل عما حدث وكيف سينتهي الدرب بسارة وبشير هو من اذكى النهايات التي اختارتها الدكتورة رفقه لتنهي تحفتها المنمقة.
حتما سأنتظر اعمالا اخرى للدكتورة رفقة تنافس جودة أكفان بلا جيوب .. والتي أعتقد أنها قد أحتلت مركزا مهما في قائمة الأدب التونسي بتلك الرواية فخالص دعواتي بالتوفيق والنجاح.
اسلام زيدان
قارئ وكاتب هاو

مجتمع مصر

اقتن نسختك الآن

اقتن نسختك الآن

التبادل الاعلانى

Discussion

جميع الحقوق محفوظه © دار إنسان للنشر

تصميم الورشه