إنسان على فيسبوك

قصة تبدأها أنت (خيال علمي) - التطبيق الرابع من ورشة 120 يوم

0
 ( قصة أنهيهَا أنا وتبدأها أنت )

(النهاية ) كتبها طارق عميرة .
انتهى ماجد من كتابة الخطاب الأخير على جهاز الحاسب الكوني الذي عرف كيف يستخدمه أخيرًا, تلفت حوله في فزع لربما كان أحدهم قد وصل , قام بضبط احداثيات الارسال على الجهاز ليرسل الرسالة إلى كوكب الأرض , مع سماعه لصوت حركة في الرواق الخارجي تقترب من الباب نحوه ..
ضغط زر الإرسال وهو يعرف أنه آخر شيء سيقوم به , لكنه الآن على استعداد لمواجهة مصيره في راحة بعد أن استطاع نقل ما حدث مع رفاقه ومعه وكيف التقطهم هؤلاء القوم قبل أن تنفجر مركبتهم الفضائية على بعد آلاف السنين الضوئية من الأرض , هل أكلوا زملائه ؟ هل قاموا بتشريحهم للحصول على معلومات ؟ لا يعلم لكنه يعلم أنه الأكثر حظًا لأنه بقي حتى هذه اللحظة , لأنه استطاع إرسال رسالته وهو يعلم أن الخبراء في الأرض الآن يحسبوهم هالكين من هول الانفجار .
لم يستطع أن يرهق عقله أكثر وهو يحول بصره نحو الباب الذي فتح ليظهر على عتبته ذلك الكائن المكلف بحراسته , تلك الكائنات التي لا يستطيع النظر في وجهها لأنها تؤذي بصره , قال له الكائن بلغته الغريبة التي لقنوها اياه :
- أنت أحمق كبير , منذ عام ونحن ننتظر أن ترسل هذه الرسالة لنعرف من أي كوكب أتيت فمن الجلي أنه صالح لنا, علمناك لغتنا واستخدام حاسبنا , أما الآن فسيسعدنا أن تنضم لطاقمنا الطبي فهم بحاجة لفأر جديد للتجارب .
ويندفع كائنين شبيهين به من خلفه منطلقين نحو ماجد الذي ظهر الهلع على ملامحه وهو يفكر هل كان ما أرسله للأرض كافيًا , يحاول التملص والقفز يمينًا أو يسارًا , لكن أحدهما يقذفه بطلقة صاعقة , يسقط وبعد لحظة يستقر محمولا على كتف الكائن الاول مغشيا عليه لبعض الوقت , بعد ساعة يفيق للمرة الأخيرة ليتوقف قلبه أخيرًا من صدمة عصبية ألمت به وهو يشعر بنفسه مقيدًا إلى مائدة بينما يمسك كائن ما بجزء داخلي من جسده ويرفعه أمام عينيه .
- تمت -
***
القصة 1 
آلاء عبد السلام
اليوم التاسع و التسعون
الغاز المسيل للدموع ينطلق في كل مكان ، الرؤية أصبحت منعدمة ، ليس فقط على نطاق البصر .. وإنما على نطاق البصيرة ..

هذا هو اليوم التاسع و التسعون .. رقمٌ قد يبدو مستفزاً للبعض ، لماذا التاسع و التاسعون ؟! .. فكرتُ في هذا ثم بدا لي أني أخرق كبير ، ليس هذا هو وقت التفكير في الأرقام ، ولكن .. أهي وسيلة من عقلي كي ينقذني من الرعب الذي أشعر به ؟! أن يدخلني في توافه الأمور كي يخرجني من الحالة التي شلت بدني وتفكيري ؟!

أختبئ في ذلك المأوى البارد وأنا أعرف أني لن أفلت هذه المرة .. إنهم يعرفون أني أنا العقل المدبر لكل هذا الدمار .. عاشت دولتنا المبجلة أعواماً تحت مرارة الخزي والعار والقهر والظلم والاستعباد ولم يجرؤ أحدهم يوماً على الكلام .. أخبار من سبقوا وتكلموا والتي كانت تأتي من المعتقلات كانت كفيلة بأن تحيل مرار الذلِ شهدا ، ولكني نطقت .. عندما مات أبي في المشفى العقيم الذي لا يملك أي مورد يمكنه أن ينقذه نطقت .. كيس دم واحد كان يمكن أن ينقذه ، ولكني عندما ذهبتُ لأبحث عن ذلك الكيس محموما رجعتُ لأجد أبي ملقى بجانب صندوقٍ كبيرٍ للقمامة وقد لفظ أنفاسه الأخيرة .. ألقوه بجانب القمامة ليوفروا فراشه لمريضٍ آخر بعد أن مات .. نطقتُ عندما ماتت أمي ذلاً عندما ذهبت إلى تحسين بك وهو رجل الأعمال الذي ينتمي للنظام و الذي كان والدي يعمل في بيته بستانيا .. كانت تريد أن تعمل في بيته خادمة ، قال لها أن هيأتها مزرية ، لابد لها أن تخلع هذه الهلاهيل وترتدي كما ترتدي خادماته الآسيويات ، قال لها بصفاقة أنه يريد أن يراها في هيئةٍ أجمل من ذلك وامتدت يده الحقيرة على كتفها ، وعندما قالت له أنها كانت تراه رجلاً محترماً ولكنه أثبت العكس ، رماها رجاله إلى الخارج بعنفٍ كسر ساقها ، وظلت أمي ملقاة خارج الفيلا الضخمة إلى أن كلمني أحد الحراس لآخذها ، حملتها و أنا أبكي ، ومع كل دمعة كان يسقط مني جزءٌ من الخوف و تحيا في ذاكرتي مناظر كثيرة لأشكال الذل الذي نتذوقه جميعاً .. كل الفقر الذي تجرعناه كي يحيا هؤلاء الذين طردونا كالكلاب ..

ونطق قلبي قبل لساني ، نظمت بدل المظاهرة مائة وبدل الخطبة ألف وبدل المنشور مائة ألف منشور ، جمعتُ حولي عدداً من الثائرين الشرفاء الذين أخرستهم يد النظام .. وفُتحت علينا أبواب الجحيم ، كانت هذه المرة مختلفة ، لم يفلح معنا ما عرفناه عن التعذيب في المعتقلات من أهالي الشباب الذين أمسك بهم النظام ولم يردعنا الدم الذي أصبح لفرطه هو المكون الطبيعي للأسفلت ، اتخذوا معنا أسلوب الإبادة الكاملة .. والآن أنا اعرف أن كل شيء انتهى .. لقد حاصرونا من كل مكان وسيمسكون بي عاجلا أو آجلا كما أمسكوا بكل رفاقي .. لهذا أقبع هنا في هذا المخبأ الذي أسمع منه صوت الطلقات والقنابل وأنتظر دوري بسكون ...
...............................................
دخل عليه الغرفة المظلمة شخصٌ ما له رائحة نفاذة ، لم يكن يعلم أين هو ، عندما دخلوا عليه مخبأه أغمض عينيه و تلا الشهادتين استعداداً للموت ، ولكنه لفرط دهشته وجدهم يتجهون إليه مكبلين معصميه ثم وضعوا عصابةً سوداء على عينيه وخرجوا به ، تمنى الموت حينها .. يا ليتهم قتلوه ، فليس ثمة معنى لغير قتله إلا أنهم سيعذبوه عذابا شنيعا قبل أن يجهزوا عليه ، ولكن هذا أيضا لم يحدث.. كل ما حدث أنهم قد خدروه حتى أفاق وهو هنا!
نزع أحدهم العصابة من على عينيه ، و أضاءت الغرفة فجأة بنورٍ ساطع ، فتح ماجد عينيه ببطء ثم أغلقهما و فتحهما مرةً أخرى ، أهذا معملٌ طبي ؟! .إنه لا يتخيل ، إنه فعلا معمل طبي ، ولكنه عجيبٌ بعض الشيء ، أدوات معملية لا حصر لها و أربع تليسكوبات فضائية كبيرة و سقف المعمل عبارة عن سقف زجاجي يظهر السماء بوضوح ، حتى الجدران عبارة عن زجاج يظهر السماء أيضا !
وفي وسط الغرفة كان هناك كبسولة كبيرة موصلٌ بها عدد كبير من الأسلاك ، حاول أن يقرص نفسه ليتأكد من أنه مستيقظ ولكنه لم يستطع فقد كانت يداه مكبلتين ..
سمع صوتاً يقول :- يكادُ يقتلك العجب أليس كذلك ؟
التفت إلى مصدر الصوت فإذا به رجل قصير القامة جدا ، شكله غريب ، يلبس بذلة غريبة الشكل ، لا هي بذلة فضاء ولا هي معطف طبي ، شيءٌ عجيب لم يرَ مثله في حياته .. ابتسم الرجل وقال له :- لماذا تتعجب من شكلي ؟ ألم تلحظ أنك ترتدي نفس الزي ؟ .. التفت ماجد إلى نفسه فوجد أنه حقا يرتدي نفس الزي .. قال الرجل مفسراً :
- الغرفة مليئة بالغازات المشعة ، هذا الزي يحفظك منها ..
سأله ماجد بتعجب :
-ولمَ تحافظون على حياتي ؟!
مشى الرجل في الغرفة و نظر في أحد التليسكوبات وهو يقول : -لقد أخطأت خطأً كبيرا يا ماجد ، هل تعرف ذك ؟
تجاهله ماجد وسأل :- أين أنا ؟
-أنت في مبنى منعزل لايعلم مكانه أحد من الشعب ، نحن في الدور المائتين وواحد ..
- ولكن على حد علمي ليس في بلدنا أي مبنى يصل لهذا الارتفاع ..
-قلت لك لا أحد يأتي إلى هذا المكان إلا من هم على شاكلتك ..
- لماذا لم تقتلونني ؟!
-لأنك لا تستحق رحمة الموت ، كما أن التعذيب الذي يجري في المعتقلات ليس لأمثالك .. إنه مجرد ترهيب كي يتعظ من في الخارج .. أما من ليس له عظة مثلك ، فمكانه هنا ..
حاول ماجد أن يفهم أي شيء فلم يفهم .. شرب الرجل رشفة من مشروب أخضر غريب الشكل واللزوجة ثم قال :- مثلي هم من يصلحون لمثلك ، آه نسيت أن أعرفك بنفسي ، أنا الدكتور يعقوب ، أكبر عالم فضاء في هذه البلاد ، ربما في هذا الكوكب أيضا ..
نظر إليه ماجد مبهورا وصاح : - أنت الدكتور يعقوب يونس ؟!
ظهرت بسمة صغيرة على شفتيه وقال :- كما تلحظ ، لازلت على قيد الحياة .
- ولكنهم قالوا أنك مت منذ زمن كبير ، أنت الآن في عمر جدي ، اختفاءك كان في العقد الثالث من عمرك ، لقد سمعتُ عنك من جدي وأبي .. كل الناس يتكلمون عن اختفاءك ، ولكن .. لقد قالت الدولة وقتها أنك مت في أثناء أحد أبحاثك بغازٍ سام ..
ظهرت مسحة من الحزن على وجه الدكتور وقال : - هذا لأني كنتُ مغفلا مثلك ، لقد رفضتُ أن أبيع أحد أبحاثي لدولةٍ معادية ، رغم أن الرئيس وقتها هو من طلب مني ذلك ، كانوا سيمنحونه مبلغا كبيرا لو فعلت ، ومن وقتها وأنا هنا ، وأصدقك القول أني قد ندمت ، فقد أشاعوا موتي وحبسوني هنا وتلك الدولة المعادية أخذت البحث مني قسرا و هي بذاتها التي بنت لي هذا المعمل العبقري الذي هو مسكني و كل حياتي من وقتها ، طوال الوقت أبحث وأعمل و يأتي من يأخذ مني عصارة فكري و مجهودي ليذهبوا به إلى الدول الأخرى ليزدادوا تقدما بينما نزداد نحن تخلفا وجهلا ، ولكني لا أملك خيارا آخر ..
التفت ماجد إلى أركان المكان يبحث عن أي أجهزة تنصت .. لاحظ الدكتور يعقوب نظرته فقال :- لا تقلق ليس هنا أي أجهزة تنصت ، لن يخاطروا بوضعها كما اني أقنعتهم أنها خطر على المواد التي أعمل بها ، إنهم يقتنعون بأي شيء ..
- ولم لم تحاول أن تقنعهم بأي بحث من أبحاثك أنه سليم ثم ترسله إلى الدولة التي فعلت بك هذا لتقضي عليهم ..
- ببساطة لأني لست سفاحاً ، أنا رجل علم .. و أخاف على أرواح الناس
نكس الدكتور يعقوب رأسه برهة و رفعها مرة أخرى وقال : - ولكن هناك بعض الاستثناءات طبعا ، فأنا لا أملك حرية القبول والرفض لكل شيء .. لهذا سأفعل بك ما فعلته بحمدي عزيز و مختار راضي ..
تذكر ماجد تلك الأسماء ، إنهما الوحيدان من قبله اللذين حاولا إقامة ثورة حقيقية ثم اختفيا فجأة ولم يعلم عنهما أحد شيئا ..
نظر إلى الرجل متسائلا ولكن الدكتور يعقوب لم يقل إلا كلمة سامحني ، ثم ضغط على زر ما في جهازٍ يحمله فدخل الغرفة رجلان يرتديان نفس الزي فكا وثاق ماجد وحملاه حملاً إلى الكبسولة التي تتوسط المكان ثم قيداه إليها بأربطةٍ ذاتيةٍ فيها ، وقف الدكتور يعقوب عند رأسه وقال :
-ما ترقد به الآن هو اختراع العمر ، هذا الجهاز الجبار لم تتوصل إليه ناسا ذاتها وإلا كانت وفرت كل التكاليف التي تنفقها لسفرها الفاشل إلى الفضاء .. الدولة الآن تمنع تصدير هذا الجهاز للخارج لأنهم يحتاجونه لمعاقبة من هم مثلك ..
قال ماجد في رعب :- أنا لا أفهم شيئا ..
اتجه الدكتور يعقوب إلى جهاز معقد كبير يشبه الصندوق غير أن به شاشات كثيرة تحمل رموزا لا يفهمها غيره .. ثم قال :
- ستصدق هذا الكلام مرغما لأنك على وشك أن تعيشه كاملا .. لقد استطعت بمجموعة من التليسكوبات المعقدة أن أصل إلى كوكبٍ آخر يسكنه مخلوقات غريبة ولكنها تحمل عقولا إلكترونية ممتازة واستطعت بالفعل بوسائل لا تهمك أنت أن أتواصل مع تلك المخلوقات ، وما عرفته عنها أنها مخلوقات شريرة إلى أقصى درجة ، ربما إلى درجة لم يعرفها البشر بعد .. هؤلاء القوم يريدون الأرض ، ولكني أكثر ذكاء منهم ، استطعتُ أن أتفاوض معهم بأني سوف أسلمهم الأرض ولكن بعد مدة معينة أرسل لهم في خلالها عددا من العينات البشرية ليجروا عليها أبحاثهم كيفما شاءوا ومن ثم يطوروا أجسادهم ليستطيعوا الحياة على كوكبنا ..
التفت إليه الدكتور وابتسم ابتسامة مريعة وهو يقول : عينات بشرية مثلك ومثل حمدي ومثل مختار ..
فتح ماجد فمه في بلاهة غير مصدق ومن ثم أخذ يصرخ صرخات كبيرة متتالية حتى بُح صوته وبكى بحرقة ، والدكتور يعقوب ينظر له بشفقة :
- هل انتهيت من الصراخ ؟ يابني انت في الدور المائتين و واحد في منطقة غير مأهولة لم يصل إليها بشر وحده ، لو كان الصراخ يجدي لكنت نجوت أنا من هنا .
كف ماجد عن الصراخ والبكاء .. بدا له كلام الدكتور منطقيا ، بماذا يجدي كل هذا الآن ؟!
اتجه إليه الدكتور و لدهشة ماجد انكب بجسده عليه حتى أصبح وجهه مقابلا لوجه ماجد وقال بنبرة سريعة قوية :
- اسمعني جيدا ، ما سأقوله لك الآن سأقوله فقط لأنك من المحظوظين القلائل في هذه الحياة ، أنا سئمت من كل هذا ‘ إنهم حتى لا يسمحون لي بالانتحار فهم يراقبونني أربع وعشرين ساعة ويعلمون جيدا كيف ينقذونني في كل مرة ، أنت الآن من سيحل لي هذه المعضلة .. دع أولئك القوم يأخذون الأرض ، ربما يستحقونها أكثر من أولئك الأوباش ..
ابتعد عنه الدكتور يعقوب ووضع في يده فجأة جهازا يشبه الأسورة وقال :- سوف يسألونني عن هذا الذي وضعته في يدك ولكني أعرف كيف أجيب ، هذا الجهاز به كل الرموز المترجمة من لغتنا إلى لغتهم ، تلك اللغة الكونية التي لا يعرفها غيري وغيرهم ، سوف تنقل لي كل شيء هناك .. دوري أن أقنعهم ليتركوك يومين فقط بتوقيتنا و قد فعلت هذا فلا تقلق و سوف أستخدم المعلومات التي ترسلها لي في مساعدتهم على أن يتحولوا لشكلنا الأرضي ويأتوا إلى هنا ..إن فعلت هذا فسأقنعهم ليتركوك تعيش بينهم حتى يسيطروا على الأرض و بهذا تكون حصلت على فرصة للنجاة .. هو اختيارك فقم بما يأمرك به عقلك ..
في اللحظة التالية أغلقت الكبسولة و دارت حول نفسها عدة مرات .. وزادت حدة الدوران حتى لم يعد ماجد يرى أي شيء وأخذ يتلو ما يحفظه من آيات وهو مغلق العينين لا يعلم على أي شيء يفيق و لا على أي شيء سيستقر فكره

أخذت الدورات تقل شيئا فشيئا حتى ثبتت الكبسولة ، و لكنه لم يرَ أي شيء .. مجموعة من الألوان المختلطة لا غير ، ثم بدأت الموجودات تتضح شيئا فشيئا .. كان المكان واسعا جدا ، وكأنه نسخ متكررة كثيرة من معمل الدكتور يعقوب .. أحس بشيء ما يفك وثاقه .. نظر عن يمينه و شماله فلم يجد أي شيء ، ثم انتبه إلى شيء غريب ، إنه يرى عددا من الأجساد و لكنها شفافة لا تظهر شيئا تحتها الا عمود فقري طويل لكل جسد ثم مجموعة من الأعصاب التي تتصل بالدماغ ، و من العجب أن الدماغ كان يملك القدرة على الدوران حول ذاته مع عينين كبيرتين ..

- مرحبا بك في عالمنا .. انتقلت جزيئاتك الينا عن طريق التكنولوجيا المطورة للنقل الجزيئي عبر الفضاء حسب اختراع الدكتور يعقوب.

ما هذا ؟ ، لا يوجد أي مصدر للصوت ، إنها مجرد خاطرة عبرت إلى دماغه ..

سمع خاطرة أخرى ..
- نحن لا نتكلم إلا بالتخاطر ، و نستطيع سماع خواطرك بوضوح ، صديق الدكتور يعقوب هو صديقنا .. لن نمسك بسوء ..
اطمأن باله قليلا ، صحيح أن الموت ربما يكون أهون له ، لكنه لا يريد الموت تحت أيدي تلك الكائنات بدعوى أبحاثٍ يقيمونها على أعضائه !
نهض من مكانه و مشى مترنحا ..
- لقد طورنا المكان ليحتوي على كمية من الغازات تناسب ما تتنفسه في عالمكم ..
تمشى قليلا في المكان ، ولاحظ وجود بعض الأوعية الكبيرة التي تحتوي على أعضاء بشرية ، التفت لهم في رعب ..
- هذه من العينات البشرية التي أرسلها لنا الدكتور يعقوب ، مازلنا نجري عليها الأبحاث لنستطيع إدخالها إلى أجسادنا
كاد يغشى عليه ، تخيل فقط ان أعضاءه مكانها سيكون هناك .. يا لطفك يا الله !
- لا تخف أنت في أمان ، يمكنك تصوير و نقل ما تريد ، ستساعدنا على العبور إلى كوكبكم ، اتفق معنا الدكتور يعقوب .
بعد ان سمع تردد هذه الكلمات في خاطره وجد نفسه وحده ، اختفت الكائنات فجأة ، انهم يذوبون و يولدون من الفراغ ، ليس لديهم قدرة على التحرك ..
نظر إلى الأسورة التي ثبتها له الدكتور يعقوب .. كان بها عددا من الأزرار ، ضغط على أول زر فظهرت له شاشة شفافة على مقربة من الأسورة ، انها تصور كل شيء .. مشى قليلا في المعمل و صور كل ما حوله ، و ظهرت على الشاشة مؤشرات بها قياسات لم يفهم منها الا الضغط الجوي و درجة الحرارة ..
ضغط على الزر الآخر فظهر له شاشة بها ما يشبه المترجم .. اتجه إلى شيء يشبه الحاسوب في أحد أركان المعمل ووجد به عددا من الملفات بلغة لم يسبق له أن رآها ، رموز لا تشبه أي رموز وجدها من قبل ، جرب أن ينسخها فلم يستطع .. اقترب من شاشة الحاسوب و ثبت شاشته على الشاشة التي معه فوجد الرموز تترجم تلقائيا إلى حروف انجليزية .. لم يستطع أن يفهم منها أي شيء رغم ان مستواه في الانجليزية جيد ، ولكنها لم تكن تشبه أي كلماتٍ عرفها..
الزر الثالث كان لونه أحمر ، خاف من الضغط عليه ، ربما كان خطرا على حياته ..
ضغط على الزر الرابع فظهرت أمامه رسالة قصيرة : " الزر الثالث هو طريق الرجوع أو الموت .. ان كنت على وشك الجنون فهو منقذك "
لم يفهم أي شيء ، هل معنى هذا أنه سيرجعه إلى الأرض ، أم معناه أنه سيقضي عليه..
لم يفكر في هذا و استمر في التصوير ، سيعرف كل شيء في حينه .. كان ينتقل من مكان إلى مكان ، وكلما ترك مكاناً فُتح له بابٌ جديد ، وهكذا ، لم يكن يأكل ، خيل إليه أن حاسة الجوع قد عُطلت .. كل ما كان يفعله هو التصوير و ترجمة الرموز التي يجدها على الحاسوب و إرسالها ، حتى مرت المدة التي اتفق عليها الدكتور مع الكائنات .. كان ضميره يوبخه طوال تلك المدة ، إنه على وشك أن يتسبب بكامل إرادته الحرة في غزو الأرض ، ما ذنب الأطفال ؟! ما ذنب الأبرياء ؟! ماذنب أولئك الذين كان يدافع عنهم و عن حقوقهم ؟! كيف انقلب الخير بداخله إلى تلك الأنانية المفرطة ؟! يدمر العالم لينقذ نفسه !و لكن ربما كان الخير و الشر مجرد شيئان نسبيان ..و ربما هو يخلص العالم من شرٍ أكبر ، من قال أن تلك الكائنات هي أكثر شراً ممن في الأرض ، على الأقل وعدوه بالحماية ..
انتهى ماجد من كتابة الخطاب الأخير على الشاشة التي تظهرها أسورته و قام بضبط احداثيات الارسال على الجهاز ليرسل الرسالة إلى كوكب الأرض , مع سماعه لصوت حركة في الرواق الخارجي تقترب من الباب نحوه ..

ضغط زر الإرسال وهو لا يعرف أنه آخر شيء سيقوم به , لكنه كان يعلم أنه الأكثر حظًا لأنه بقي حتى هذه اللحظة , لأنه استطاع إرسال رسالته ..

لم يستطع أن يرهق عقله أكثر وهو يحول بصره نحو الباب الذي فتح ليظهر على عتبته ذلك الكائن المكلف بحراسته , تلك الكائنات التي لا يستطيع النظر في وجهها لأنها تؤذي بصره , قال له الكائن بلغته الغريبة التي لقنوها اياه :

- أنت أحمق كبير , منذ عام ونحن ننتظر أن ترسل هذه الرسالة ..علمناك لغتنا واستخدام حاسبنا , أما الآن فقد انتهت مهمتك و سيسعدنا أن تنضم لطاقمنا الطبي فهم بحاجة لفأر جديد للتجارب .

ذُهل ماجد مما سمع ، نطق بصوتٍ عالٍ لأول مرة منذ انتقل إلى هذا المكان :- ولكن .. لقد وعدتموني بالحماية ، أنتم قلتم سوف تطلقون سراحي و تكفلون لي الحياة عندما أرسل المعلومات للدكتور يعقوب ..

سمع في خاطره صوتا ما يشبه القهقهة و سمع كلماتٍ تتردد في خاطره :- أبلهٌ أنت ! أتظن أننا لم نكن نستطيع إرسال تلك المعلومات إلى الدكتور بأنفسنا ؟! إنه يظننا أغبياء ، ولكنها كانت مجرد حيلة لنجعله يرسل لنا المزيد من العينات البشرية فقد توصلنا لطريقة لتقطيع كل عضو إلى أجزاء و من ثم زرعها في بيئة مناسبة ثم زرعها بداخلنا .. و سنخبره أنك رفضت التعاون معنا فاضطررنا إلى التعامل معك و سيرسل لنا حتماً عينة أخرى ..

لم يكن يصدق هول المفاجأة ، خطر في باله أنه يستحق ما يحدث بشكلٍ ما فقد صدق مجموعة من الكائنات الشريرة و باع لهم حياة الملايين ليشتري حياته ، و بآخر ما في عقله من تفكيرٍ منطقي ضغط على الزر الثالث في الأسورة قبل أن يندفع كائنين من خلفه منطلقين نحوه ..حاول التملص والقفز يمينًا أو يسارًا , لكن أحدهما قذفه بطلقة صاعقة , سقط وبعد لحظة استقر محمولا على كتف الكائن الاول مغشيا عليه لبعض الوقت .. أفاق بعد برهةٍ قصيرة و لاحظ أن صور الموجودات تهتز من حوله و تتلاشى ، لم يكن يعلم أهذا هو الموت أم الرجوع و لكن آخر صورة رآها ذلك الكائن وهو يمسك بجزء داخلي من جسده ويرفعه أمام عينيه .
- تمت -

***
القصة 2

أمل عبدالله 

قصة بعنوان : رحلة الي الكوكب " X"
أمجد أحد طلاب الدكتوراه العرب الَّذين يتلقون علم الفلك في الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد وقع عليه الإختيار من قبل وكالة ناسا ليتم إرساله مع مجموعة لاستكشاف ذلك الكوكب لذي عُرِفَ بوجوده مؤخراً وهو تابع للمجموعة الشمسية ، رجَّحَت قوانين الفيزياء والطبيعة والحسابات الرياضية وجود ذلك الكوكب وتم الاستدلال علي ذلك بانحراف الكواكب السابقة له عن مدارها قليلا في أحد الجوانب ، فالكواكب في العموم تسير في مدارات منتظمة ولكنها في مقاطع معينة قد تنحرف (يميناً أو شمالاً) بما يتناسب مع جاذبية الكوكب المار بقربها.

وبما أننا في عام ٣٤٠٠ ميلاديا فإنه أصبح في الإمكان تحديد مكان ذلك الكوكب وشكله الاستنتاجي الناتج عن مكانه بالنسبة للشمس وقطره وما إلي ذلك من معلومات - طالما كانت لغزًا حير العُلماء فيما سبق - بالإضافة إلي إمكانية عمل مجسم ثلاثي الأبعاد لهذا الكوكب كما يمكن إضافة الزمن كبعد رابع مما يؤدي إلي وصف دقيق لدورانه، ظروفه البيئية و تركيبه ومظاهر الحركة والحياة علي سطحه والتي قد تختلف جزئيا أو تشترك جزئيا في بعض هذه المظاهر بالنسبة لكوكب الأرض ، إلا أنه بالمسح الضوئي لتراب وتركيب هذا الكوكب -باستخدام آليات صناعية لها القدرة علي التحليل وإرسال النتائج للأرض - إتَّضَح أنَّ هذا التراب مزيج من مسحوق الذهب وصخوره البين طبقية عبارة عن الماس متدرج في جودته من الطبقات السطحية إلي الطبقات الدُنيا وهو ما دفع العلماء الي محاولة إرسال أول رحلة بشرية الي ذلك الكوكب الذي أطلقو عليه " X" إلّا إنهم إبتكروا طريقة جديدة لضمان نجاح الرِّحلة ، فقد تم تصميم أنبوبة نانوية وهي أنبوبة مصنوعة بتكنولوجيا النانومتر تصل من الأرض إلي ذلك الكوكب ولها قدرة عالية علي تحمل العوامل المختلفة بالإضافة الي خصائصها الكهرومغناطيسية والتي أكسبتها القدرة علي توصيل المركبة الفضائية بسرعة تفوق سرعة الضوء متحدية بذلك مسافة ١٢٠ سنة ضوئية تبعدها عن كوكب الارض وكأنها آلة زمن تسابق المسافة والوقت .

وجرت الأمور بحسب ما تم تخطيطه ولكن بالإقتراب من الغلاف المحيط بالكوكب "x" حدث ما لم يكن متوقع فقد كان الغلاف المغناطيسي للكوكب قويًا مما أدي لانحراف الأنبوبة النانوية الحاملة للمركبة عن مسارها قليلاً - بالرَّغم ما لها من خصائص مضادة - فتم إرسال خيوط نانوية تصل المركبة بصخور الكوكب حيث قدرتها العالية علي الإلتصاق بهاو تمتد لآلاف الكيلومترات -الواحدة منها بقطر شعرة الرأس- إلَّا أنَّ قوتها هائلة فأدي ذلك الي عدول المركبة حتي تم المرور بمرحلة الخطر بصعوبة أو هكذا يبدو .

فاذا بكائنات غريبة الشكل تتسلق تلك الخيوط النانوية
ثم لم يمضي وقت طويل حتي حدث إنفجار عظيم تقطَّعت بعده سبل الاتصال بالأرض والوكالة أدي إلي أن صارت المركبة حُطام .
مر وقت يكاد يقدر بالأيام وأمجد ملقي علي الارض حتي صافح هواء بارد وجه أمجد فاستفاق وفتح عينه مرات ومرات ليُحاول التخلُص من هذا الدِّوار وعدم وضوح الرؤية وبدأ ينظر إلي نفسه في اندهاش أنا حي! فإذا به يري سماءاً يَقْرُب لونها من الإحمرار وتربة تحيط به لونها بين البرتقالي والأصفر متدرجة في لونها ، و ملابسه شبه مُمَزَقة إلَّا أنه لايزال يحتفظ بالخوذة التي تتيح له التنفس وأخذ يتجول ليكشف عن وجوده داخل حجرة زجاجية لها باب زجاجي ، لكنّه لايتذكر ما حدث وكيف انفصل عن الطاقم ؟ وأين ذهب الجميع ؟ ، آخر ما كان يتذكره قبيل الإنفجار بقليل حينما تحطَّمت الأنبوبة النانوية في الطبقات الدُنيا من غلاف الكوكب وأخذت المركبة تفقد أجزاءاً منها فإذا بهذه الكائنات الغريبة تتسلق الخيوط النانوية القوية وتحمل أفراد الطاقم لتهبط بهم علي سطح الكوكب ، تري هل أكلو أفراد لطاقم ؟ هل تم تشريحهم للحصول علي معلومات ؟ أي صنيعة صُنِعت بهم ؟ وأخذ يسأل نفسه في عجب ولما أنا فضلاً عن بقية أفراد الطاقم مازلت حيّاً واجتمع لديه الأضداد من المشاعر من رهبة وأمل ، لم يلبث أن قطع حديثه مع ذاته صوتٌ غريب مخيف فإذا به يري الكائنات ذاتها التي رآها قبيل الإنفجار حملوه ليهبطو به في غرفة مغلقة تابعة لمبني يشبه الصواريخ أو ربما المركبات الفضائية المعدلة بها نوافذ من الماس غير المنفذ للضوء فلم يستطع رؤية ما خلفها ، مصنوع من الذهب الخالص .
في تلك الغرفة قضي أمجد قرابة عام لايدري ما العلة التي جعلت هؤلاء القوم يحتفظون به فضلاً عن سائر المجموعة محاولاً التكيف مع ما هو متاح من مأكل وظروف مما جعله ضعيفاً نحيلاً ، و قد صُمِمَت تلك الغرفة بطريقة ما جعلتها ملائمة لأن تكون سجناً أكثر منها غرفة عادية فلم يكن بها أي وسيلة اتصال أو تسلية علاوةً علي كونها علي بابها حُرَّاس من تلك الكائنات وبالرغم من ذلك فإن الشيء الذي أتيح له أن تم تعليمه لغتهم بالإضاف الي اصطحابه الي الغرفة المجاورة لتعليمه طريقة عمل حاسبهم الكوني بغير علة أو ربما هذا ما بدا له ، بالرغم من تعليم الحاسب له إلا إنه لايزال يساوره خوف من إرسال خطاب لكوكب الارض .
اتخذ أمجد قرار بأن لابد من إرسال ذلك الخطاب فتسلل خِلسةً الي تلك الغرفة حتي كان ما أراد وبصعوبة بالغة و تحدي أمجد كل العواقب ليكتب ذلك الخطاب ، إنتهى أمجد من كتابة الخطاب الأخير على جهاز الحاسب الكوني الذي عرف كيف يستخدمه أخيرًا, تلفت حوله في فزع لربما كان أحدهم قد وصل , قام بضبط إحداثيات الإرسال على الجهاز ليرسل الرسالة إلى كوكب الأرض , مع سماعه لصوت حركة في الرواق الخارجي تقترب من الباب نحوه ..

ضغط زر الإرسال وهو يعرف أنه آخر شيء سيقوم به , لكنه الآن على استعداد لمواجهة مصيره في راحة بعد أن استطاع نقل ما حدث مع رفاقه ومعه وكيف التقطهم هؤلاء القوم قبل أن تنفجر مركبتهم الفضائية على بعد آلاف السنين الضوئية من الأرض , هل أكلوا زملائه ؟ هل قاموا بتشريحهم للحصول على معلومات ؟ لا يعلم لكنه يعلم أنه الأكثر حظًا لأنه بقي حتى هذه اللحظة , لأنه استطاع إرسال رسالته وهو يعلم أن الخبراء في الأرض الآن يحسبوهم هالكين من هول الانفجار .
لم يستطع أن يرهق عقله أكثر وهو يحول بصره نحو الباب الذي فتح ليظهر على عتبته ذلك الكائن المكلف بحراسته , تلك الكائنات التي لا يستطيع النظر في وجهها لأنها تؤذي بصره , قال له الكائن بلغته الغريبة التي لقنوها اياه :
- أنت أحمق كبير , منذ عام ونحن ننتظر أن ترسل هذه الرسالة لنعرف من أي كوكب أتيت فمن الجلي أنه صالح لنا, علمناك لغتنا واستخدام حاسبنا , أما الآن فسيسعدنا أن تنضم لطاقمنا الطبي فهم بحاجة لفأر جديد للتجارب .
ويندفع كائنين شبيهين به من خلفه منطلقين نحو ماجد الذي ظهر الهلع على ملامحه وهو يفكر هل كان ما أرسله للأرض كافيًا , يحاول التملص والقفز يمينًا أو يسارًا , لكن أحدهما يقذفه بطلقة صاعقة , يسقط وبعد لحظة يستقر محمولا على كتف الكائن الاول مغشيا عليه لبعض الوقت , بعد ساعة يفيق للمرة الأخيرة ليتوقف قلبه أخيرًا من صدمة عصبية ألمت به وهو يشعر بنفسه مقيدًا إلى مائدة بينما يمسك كائن ما بجزء داخلي من جسده ويرفعه أمام عينيه .

تمت 

******
القصة 3 
أمنية محمد 
(معكوس)
حرائق في كل مكان، حيوانات تجري هنا و هناك مشتعلة، اللون الأحمر البرتقالي المخيف هو السائد، منظر مقبض لأشد النفوس و أقواها..

انتهى عرض الفيديو على الشاشة، و تكلم رئيس الوكالة الفضائية قائلا:

هذه كانت بداية النهاية يا سادة، حرائق الغابات منذ ١٠٠ عام، هي ما أدت لما نحن فيه الآن، الحرب العالمية الثالثة، الحربان الأولى و الثانية كانتا لفرض السيطرة..

أما هذه الحرب، فهي حرب للبقاء، حرب على موارد الحياة، الماء و الطعام و الهواء ؛والخاسر ميت ..
لذا فهذه البعثة هي محاولة لإنقاذ البشرية من الفناء بسبب الحروب و قلة الموارد، لقد ضاقت بنا الأرض بما رحبت، بما اقترفته أيدينا، و حان وقت البحث عن وطن جديد، فإصلاح الأرض يتطلب الكثير من الوقت و الجهد فقد أفسدناها للغاية، أما السكنى بكوكب جديد نقي، فهذا أسرع و أجدى،
هناك مركبات فضائية مقاتلة مجهزة لإرسالها للكوكب الذي ستذهبون إليه بمجرد أن تبعثوا لنا بإشارة صلاحيته للحياة كما نأمل..
ثم ابتسم ابتسامة لزجة و هو يقول:
ابحثوا لنا عن مكان جديد لنفسده..

انطلقت سفينة الفضاء وكان من ضمن الفريق، مسئول التقنية التكنولوجية (ماجد)، كانت الرحلة طويلة، و عند اقترابهم من الكوكب المنشود، حدث عطل غير متوقع، فقد توقفت المركبة عن الاستجابة لكل الأوامر، و باءت كل محاولات ماجد للسيطرة عليها بالفشل، ثم تصاعد صوت إنذار المركبة معلنا إرتفاع درجة حرارة المحركات للحد الأقصى، هذا يعني أن السفينة على وشك الإنفجار، تحرك الطاقم بسرعة إلى المكوك الصغير الملحق بالسفينة، و خرج المكوك من السفينة، و ما إن ابتعد قليلا، حتى انفجرت السفينة بأكلمها، و انقطع اتصال الطاقم بالأرض، فقد كان المكوك قدرته أقل من ذلك، هو مخصص فقط للنزول من السفينة الأم للكوكب المراد استكشافه، و وسيلة اتصاله بالأرض هي عبر السفينة الأم، و انفجار السفينة أدى لفقد الاتصال بالأرض للأبد، و لكن هذه مشكلة ستهمهم بعد النجاة ..
اضطرب المكوك بشدة عند نزوله على الكوكب و عندما حط خرج الطاقم لأرض الكوكب، البيانات التي قرأتها شاشات المكوك أشارت إلى أن الهواء الموجود قابل للتنفس، لذلك خرج الطاقم دون خوذات حفاظا على مخزون الأكسجين الذي لديهم للاحتياط، و ما إن خرجوا حتى شاهدوا شيئا عجيبا..

كان الكوكب يشبه الأرض، أو بمعنى أصح يشبه ما كانت عليه غابات الأرض قبل الدمار الذي حل بها، و لكن كانت سماؤه ذات لون أخضر، و نباتاته لونها سماوي، و كأن هناك من عبث بألوان هذا الكوكب ببرامج تعديل الصور فعكسها و جعل سماءه بالأسفل و أرضه بالأعلى..

كانت كل الألوان معكوسة في هذا الكوكب، و كأنها صورة نيجاتيف و لكن ملونة، فالأزهار أوراقها صفراء و الجزء الداخلي منها هو الملون، و الطيور التي كانت ملونة في الأرض لونها أسود، بينما الطيور الشبيهة بالغربان لها ألوان زاهية جميلة..

إن هذا المنظر مرهق للعين جدا، فهو عكس ما إعتادت، تساءل الطاقم هل هذه النباتات قابلة للأكل؟
و قبل إجابة السؤال ظهرت كائنات تشبه البشر، و لكن بجلد شفاف، يظهر جميع الأوردة و الشرايين و الأعضاء، و الأسوأ أنهم لا يرتدون إلا القليل من الملابس، و بالتالي فهذه الأعضاء و الأوردة المتحركة ظاهر معظمها، إن منظرهم مرعب، يشبه كثيرا الصور التي توجد بكتب التشريح، و لم تمر ثوان على هذه الصدمة، حتى سمع الفريق صوت يشبه الفحيح و فقد الجميع وعيه..
إستيقظ ماجد فوجد نفسه في غرفة ناصعة البياض، الغرفة ليس لها جدران محددة، هي تشبه الكرة، كأنه داخل كرة بيضاء ليس لها بداية أو نهاية، كل ما في هذا الكوكب ليس مريح للعين البشرية أبدا، تكلم صوت غير معروف مصدره: أهلا ماجد، عرفنا اسمك و وظيفتك من أصدقائك، لا تسأل عن مكانهم، فأنت حقا لا تريد أن تعرف..
- ماذا فعلتم بهم ؟
أجاب الصوت: لا يهم، المهم أننا تركناك تحيا، أليس كذلك ؟
صمت ماجد، لم تركوه؟ هذا مخيف أكثر منه مريح..

أكمل الصوت : هل تعرف كم لبثت في نومك؟ ستة أشهر، كنا نغذيك عن طريق المحاليل، لا تفكر كثيرا وتناول الطعام الذي سيقدم لك..

دخل واحد من هذه الكائنات فلم يستطيع ماجد إطالة النظر إليه، لقد كان منظره بشعا، إن البشرة بتنوع ألوانها نعمة لا يدركها أهل الأرض، إن رأوا مايراه و أدركوا هذه النعمة لما تسببت في عنصرية و استبداد و تنمر عبر العصور..

تردد ماجد قبل أن يتناول الطعام، فسمع الصوت مرة أخرى: أتمازحني يا ماجد؟ لو أردنا قتلك لفعلنا ذلك منذ البداية، تناول طعامك..

أمسك ماجد بالطعام، لقد كان جائعا حقا، طعامه كان أنواع من النباتات، تشبه الخضروات و الفاكهة، و لكنها كعادة هذا الكوكب اللعين، معكوسة، لون القشرة هو لون ما بداخلها على الأرض، فهناك شيء يشبه البطيخ مثلا، قشرته حمراء و قلبه أخضر، بدأ في أكل القلب وجده سيء الطعم، فجرب أكل القشرة وجدها قابلة للأكل و لكن طعمها يشبه الطماطم، و هناك نبات يشبه الخيار و لكنه ذو قشرة سميكة لونها أبيض يشوبه الخضرة كداخل الخيار الأرضي، هذه المرة بدأ بأكل القشرة فوجد طعمها يشبه التين الشوكي..

هنا أصابه الغثيان، إن هذه الأشياء المعكوسة ستصيبه بالجنون، جزء من راحة الإنسان هو التوقع و التنبؤ بالأشياء البسيطة مثل توقع أشكال الأشياء و توقع طعم المأكولات، ككون الفاكهة سكرية و الخضروات مالحة بعض الشيء، لقد كان يشعر بالغضب عندما يطحن ضرسه دون قصد حبة حبهان (هيل) وضعت في الطعام، لقد عانى كثيرا على الأرض حتى تقبل فكرة الطعام السكري اللاذع أو المالح (السويت أند ساور)، إن تناول هذا الطعام كابوس حقيقي..
ترك الطعام فعاد الصوت:

لا تستطيع الأكل؟ كيف كنتم ستحتلون كوكبنا إذا ؟

هنا شعر ماجد بالرعب، يبدو أنهم يعرفون كل شيء من باقي الطاقم، و سينتقمون منه ؛و من الأرض..

تكلم الصوت: لا تخش شيئا، نحن قوم مسالمون، لا نبدأ بالعدوان، و ما فعلناه بأصدقائك كان لأنكم اعتديتم علينا، إن مركبتكم الفضائية تم تدميرها بواسطة حاسوبنا الكوني الذي رصدها و قام بتعطيلها، و لكنها كانت ضخمة، فعطلته أيضا و أصبح غير قادر على الدفاع عن كوكبنا، و لذا لم يرصد مكوككم الصغير، سنتركك تعيش بيننا، و سنعلمك لغتنا و كيفية إستخدام هذا الحاسوب، و لكن عليك أن تصلحه ليحمينا مرة أخرى، ربما تفلح في فشل فيه خبراؤنا..
و هنا مرت ٦ أشهر أخرى، يذهب ماجد إلى الغرفة التي تحتوي هذا الكومبيوتر الكوني المعقد، يحاول إصلاحه، يخرج قليلا تحت الحراسة لهذا الكوكب العجيب هربا من الجنون في غرفته البيضاء، فيصيبه الجنون من منظر الكوكب المعكوس، يأكل الطعام العجيب الذي اعتاده و لم يعد يثير غثيانه و لكن لم يحبه أبدا، في البداية لم يفهم شيئا عن كيفية إصلاح هذا الحاسوب رغم أنهم شرحوا له كيفية إستخدامه، حاول كثيرا و فشل، ثم فكر أن يعكس كل ما يعرف من علم ليتماشى مع كل شيء على هذا الكوكب اللعين، هنا بدأ يحرز تقدما، إنه يستطيع إصلاح الجهاز، و لكن سيصلحه خدمة له و للأرض، ليس خدمة لهم ..

أنهى ماجد إصلاح الجهاز بعد عناء و محاولات عديدة، و لكنه لم يخبرهم بذلك حتى يستطيع تحقيق ما عزم عليه، سيدركون ما فعل بعد تمامه بالتأكيد، و لكنه هالك في كل الأحوال، سيتخلصون منه فور انتهاء فائدته، فليرسل رسالة إلى البشر في الأرض و ينقذهم بها، صحيح أن أحوال هذا الكوكب تثير الجنون، و لكن أحواله أحسن من الأرض بخرابها و نفاذ مواردها وحروبها، فليرسلوا السفن المقاتلة لإحتلال هذا الكوكب و القضاء على هذه الكائنات القبيحة..

كتب في الرسالة كل المعلومات التي يعرفها عن الكوكب و سكانه و عن إحداثيات مكانه، و حذرهم من الحاسب الكوني الذي يحمي الكوكب، و ان كانت نيته تخريبه مرة أخرى بعد إرسال الرسالة، ان سمح له الوقت بذلك..

انتهى ماجد من كتابة الخطاب الأخير على جهاز الحاسب الكوني الذي عرف كيف يستخدمه أخيرًا, تلفت حوله في فزع لربما كان أحدهم قد وصل , قام بضبط احداثيات الارسال على الجهاز ليرسل الرسالة إلى كوكب الأرض , مع سماعه لصوت حركة في الرواق الخارجي تقترب من الباب نحوه ..
ضغط زر الإرسال وهو يعرف أنه آخر شيء سيقوم به , لكنه الآن على استعداد لمواجهة مصيره في راحة بعد أن استطاع نقل ما حدث مع رفاقه ومعه وكيف التقطهم هؤلاء القوم قبل أن تنفجر مركبتهم الفضائية على بعد آلاف السنين الضوئية من الأرض , هل أكلوا زملائه ؟ هل قاموا بتشريحهم للحصول على معلومات ؟ لا يعلم لكنه يعلم أنه الأكثر حظًا لأنه بقي حتى هذه اللحظة , لأنه استطاع إرسال رسالته وهو يعلم أن الخبراء في الأرض الآن يحسبوهم هالكين من هول الانفجار .
لم يستطع أن يرهق عقله أكثر وهو يحول بصره نحو الباب الذي فتح ليظهر على عتبته ذلك الكائن المكلف بحراسته , تلك الكائنات التي لا يستطيع النظر في وجهها لأنها تؤذي بصره , قال له الكائن بلغته الغريبة التي لقنوها اياه :
- أنت أحمق كبير , منذ عام ونحن ننتظر أن ترسل هذه الرسالة لنعرف من أي كوكب أتيت فمن الجلي أنه صالح لنا, علمناك لغتنا واستخدام حاسبنا , أما الآن فسيسعدنا أن تنضم لطاقمنا الطبي فهم بحاجة لفأر جديد للتجارب .
ويندفع كائنين شبيهين به من خلفه منطلقين نحو ماجد الذي ظهر الهلع على ملامحه وهو يفكر هل كان ما أرسله للأرض كافيًا , يحاول التملص والقفز يمينًا أو يسارًا , لكن أحدهما يقذفه بطلقة صاعقة , يسقط وبعد لحظة يستقر محمولا على كتف الكائن الاول مغشيا عليه لبعض الوقت , بعد ساعة يفيق للمرة الأخيرة ليتوقف قلبه أخيرًا من صدمة عصبية ألمت به وهو يشعر بنفسه مقيدًا إلى مائدة بينما يمسك كائن ما بجزء داخلي من جسده ويرفعه أمام عينيه .
- تمت -
***
القصة 4 
سارة علاء 
" عوالم خفية "
*المصيدة*
في الفضاء ، حيث كل الأجرام السماوية كُلاً يجري في مساره المحدد ، عالم يتواري عن عالم آخر .. يظن أنه هو السائد و لا يعلم أن هناك عوالم خفيه عنه
هكذا حالنا في مجرة درب التبانة ، المجموعة الشمسية ، كوكب الأرض
منذ أن سافرنا إلي الفضاء و قمنا باكتشاف بعض الكواكب المجاورة و الذي لم يكن بها أي مقومات للحياة ، كنا سعداء و نحن نضع العلم الأمريكي عليها ، فخورين بهذا الإنجاز العظيم بكوننا أول من زار هذا الكوكب بل أصبحنا نؤمن أننا الوحيدون الذي نحيا في هذا الكون
لكن ما حدث اليوم صباحا قد ضرب بكل معتقداتنا هذه عرض الحائط
استشعرت أجهزتنا أن هناك جرم ما اخترق الغلاف الجوي
في باديء الأمر كنا نظن أنه نيزك و كان هذا أسوء توقعتنا و كان خوفنا الأكبر أين سيحط و كم الدمار الذي سوف يحدثه اذا وقع علي منطقه سكانيه لكن حالفنا الحظ و سقط في إحدي الصحاري الكبري في قارة إفريقيا
لم يسعفنا الحظ أكثر من ذلك ، فقد كانت صدمتنا الكبري عندما بدأنا فحصه لنكتشف أنه ليس نيزك أو صخور سقطت عن طريق الخطأ علي كوكبنا .. بل إنها كبسولة فضائية لكنها متهشمة للغاية و نحن نحاول فتحها لمعرفة عما تحتويه و من أين جاءت لأنه من الواضح أنها ليست من هذا الكوكب بل أنها من كوكب آخر
أغلق رئيس وكالة ناسا( دكتور أيوب) الشاشه التي كانت تعرض خطابه أمام العلن و محاولة شرح حقيقة الجرم الذي وقع ع سطح الأرض مهدأ من روع الشعوب المذعورة و لكي يضع حد للاشاعات التي أخذت توهم البشر أننا ع شفاة الغزو من قِبل سكان كوكب أخر
إلتفت (أيوب) إلي رواد الفضاء و بعض علماء الفيزياء و غيرها و أخذ يناقشهم في أي جديد توصلوا إليه
تم فتح الكبسولة الفضائية بصعوبه بالغة و قد تبين أنها تحتوي علي كائن فضائي أو بقايا منه ، فعلي ما يبدو أن الاصطدام بالأرض العنيف أدي إلي موت الكائن بل تحطيم جسده الذي كان يبلغ من الطول 50 cm و لم يزيد وزنه عن 20kg إلا أن عند فحص الDNA قد تبين أنه كائن مسالم و لا يحتوي حمضه النووي علي أي عنف في الطباع أو في فطرته غير أنه اوضح أيضا أنه كائن بالغ ، و المفاجيء أيضا أن له نفس التركيب التشريحي مثل البشر و نفس الأعضاء إلا أننا لم نجد فيه القلب و الكبد و الكليه و بالطبع اختلاف لون الدم ف دمه كان بنفسجي اللون ك لون بشرته أما عن شكله الخارجي و الذي كان فد تدمر بشده بسبب الاصطدام إلا أن هيكله كان شبه سليم ف استطعنا رسم صورة تقريبيه له فهو برأس مثلث له ثلاثة أصابع في كل يد و قدم معدته صغيرة جدا تكاد لا تستوعب عقلة أصبع بداخلها .. غير ذلك ليست له أسنان حادة أو أنياب توحي بأنه يتغذي علي لحوم ، كما وجدنا بعض الأجهزه الإلكترونيه المعقدة بداخل الكبسوله و لكنها بلغه غريبه نحاول فكها و التعامل معها و لكن الخبر الجيد حتي الآن هو أننا وجدنا خريطه مرسوم فيها المجرات و منهم مجرة درب التبانه الخاصة بنا و يوجد مجرة تبعدها بآلاف السنوات الصوئية يوجد عليها بصمة يد من ٣ أصابع .. أظن هناك يقع كوكبهم .. لكن رحلة مثل هذه قد تكلفنا أشهر للوصول إليه
كان هذا تقرير( الرائد ماجد) الذي عمل عليه لمدة أسبوع كامل
أيوب = هذه المعلومات جيدة و سيكون من الرائع زيارة هذا الكوكب و استكشافه أكثر عن قرب .. ستكون هذه البدايه لإكتشاف العوالم الخفيه في هذا الكون .. علينا خوض هذه المغامرة .
خلال أسبوع كان (الرائد ماجد) و مجموعه من زملائه مستعدين لرحالة استكشافيه علي أمل الوصول للكوكب المنشود
أقلعت سفينة الفضاء منذ أكثر من شهر.. تجوب الفضاء معتمدة ع الخريطة المبسطة التي وجدوها في الكبسولة ، محافظة علي التواصل بينها و بين الأرض
في تلك الأثناء كان هناك عالم تشريح ( دكتور أيان ) يفحص جسد الفضائي الصغير و علي وجهه علامات التعجب.. يوجد تجاويف لبعض الأعضاء لكن لا يوجد أعضاء !!
في منطقة الصدر يوجد ثلاثة تجاويف و لكنها فارغه و يوجد بجانب البنكرياس تجويف و يوجد في جانبي البطن تجاويف أخري فارغه ! .. بدأ (أيان) في إخراج كل عضو علي حده من جسد الصغير و حفظها بمفردها و فحص كل إنش فيها و بالفعل وجد بعض الكبسولات الصغيرة التي بها مادة غريبه كانت مخبئة بداخل أعضاء الكائن الفضائي
استغرق منه اسبوعا لمعرفة نوع المادة و أخيرة توصل إليها .. مادة من نوع ما غير مألوف له و لكنها تستخدم في حفظ الجسد من التحلل و الدليل ع ذلك أن جسد الكائن الفضائي صمد علي حالته دون تحلل لأكثر من شهر و نصف بينما اكتشف وجود هذه الكبسولات الصغيرة و قام بانتزاعها بدأ الجسم في التحلل ع الفور و بعض التجارب الأخري الذي أجراها لتأكيد نظريته فاستنتج علي الفور أن الكائن الفضائي وضع في الكبسوله و هو ميت بالفعل و لم يمت بسبب الإرتطام .. و هذه التجاويف كان بها أعضاء لكن تم ازالتها لسبب ما ، لكن كيف تحطم و تشوه جسد الكائن بينما ظلت الأجهزه الالكترونيه و الخريطه المرسومه ببدائيه أن تنجو !! أيعقل أنه فخ ؟
هل هناك من أرسل هذه الكبسولة متعمد للأرض محاولاً أن يبعث رساله ما إلينا لكننا لم نفهم بعد ماذا يريد !
هل يعقل أننا ع حافة من غزو من سكان عالم خفي عن أعيننا !
يجب أن أحذرهم .. هناك مكيدة في الموضوع .. هذه مصيدة..نحن نذهب لها بأنفسنا
هرول (أيان) إلي مركز القيادة التي يتم فيه التواصل مع سفينه الفضاء .. لكنه عندما وصل كان الأمر خارج السيطرة ، تم تفعيل وضع الطواريء و جميع القادة يحاولون التواصل مع السفينه و الذي اتضح أن الأتصال انقطع بعد سماعهم لصوت انفجار عظيم و إختفت السفينه من ع الردار الفضائي كأنها تلاشت من الكون و تحولت إلي ذرات تراب
........................يتبع
***
القصة 5 
يارا حسني
من أجل حياة أخرى
قرأ ماجد و رفاقه من مجموعة باحثين وعلماء وكالة الفضاء الدولية " ناسا " ملفات كثيرة عن خطورة الحياة على كوكب الأرض فى المستقبل القريب ، وتعددت الأسباب ؛ فلا يعلم أحد هل هذا بسبب الحروب النووية المتتابعة التى أضرت بالكوكب ، ودمرت الحرث والنسل ؟ أم أنها سرعة التغيرات البيئية والتى تعتبر مجهولة المصدر الواحد ؟

قال البروفيسور ويندسون فى مؤتمره الأخير " أن كوكب الأرض قد أوشك على الهلاك بالكلية وبشكل سريع ، لا يمكن للعلماء إنقاذه ، وأشار إلى أن عدد من الكتب المقدسة قد أوردت هذا ، وأطلقت على نهاية الحياة أسم يوم الدين "

علقت روزانا العالمة الجيولوجية بفريق البحث : أشعر بالقلق يا رفاق ،فقد بدأت الأرض تخرج أثقالها ، من خلال ثورة أغلب البراكين ؛ والتى تهدد تماسك القشرة الأرضية ، وبعدها تتبخر البحار ، وتتعلق الجبال فى الهواء

ساد صمت قطعه إليان الباحث بمجالات الغلاف الجوى : الأكثر خطورة هو إتساع ثقب الأوزون وإرسال الشمس كل أشاعتها الحارقة مما يهدد النبات والحيوان وبالطبع كل البشر
صاح أمجد : أى كوكب هذا ما نحيا عليه ؟ لقد أصبح قنبلة موقوتة تهدد الجنس البشرى

عاد البروفيسور ويندسون للحديث : من هنا ستبدأ مهمتنا المقدسة من أجل حياة أخرى ،ثم أشار إلى لوحة العرض أمامه : ستكون وجهتنا إلى توأم الأرض بالمجرة المجاورة لنا ، سنلجأ إليها فارين من هول ما يحدث لدينا على الأرض ، فقد تأكد لنا - من خلال العديد من الأبحاث - تطابق الغلاف الجوى ودرجة الحرارة مع الأرض .

كانت المهمة جليلة وإنسانية لرحمة البنى آدمين من مصير محتوم ، وأنطلقت الرحلة إلى أبعد نقطة ، ما يعادل التسع بلايين من السنين الضوئية ، وترائى الكوكب من بعيد ،أنه يشبه القطعه الأسفنجيه على شكل قارب ، به ثقوب عجيبة متعددة ، ولحسن الحظ لوحظ ما يشبه البحار ؛ إذا فمن الممكن تحلية المياه إذا عز وجود الماء العزب ، وما أن دخل المكوك الفضائى المجال الجوى لتوأم الأرض ، حتى تصاعدت أبخره بنيه ، وحدث أنفجار كبير ؛ بعد أن أرتفع درجة الحراره بشكل بالغ ، والكوكب أقرب بقليل من الأرض إلى شمسه ، و إنطلقت الكبسولة التى تقل الطاقم وتطاير الجميع منها كل على حدة ،أخر ما رأى ماجد هى العزيزة "روزانا " وهى تحمل بصيلات بعض المزروعات والبذور ، والتى كانت تنوى بها إتمام بحوثها الزراعية .

وبدأت مغامرة مع ماجد من نوع فريد ، شاهد كائنات مفزعة حقا ، كما فى قصص الأطفال من أشباح ، أحدهم له أرجل كبيرة فى أخرها زعانف بحرية ، يحيط بأعناقهم إلى مقدمة الرأس فقاعات كالصابون ، أعينهم محدبة إلى الأمام بشكل مخيف ، أستتر منهم خلف أعشاب طويلة كما الأشجار ، رأهم يتناولون القش وبعض النباتات ذات الثمار التى تشبه رؤوس الشياطين ،حاول أن يتذوق أيا منها ، فلم يستسغ غير مذاق سيقانها ، وأخيرا وقع فى قبضة أحدهم وكان قصير القامة نوعا ما ، وقد حمله إلى ملكهم الذى كان عملاقا نصفه من نار والنصف الأخر من جليد ! وبدأت المحاكمة والشجار وهو لا يعى كلمة مما يقال .

وإذا بفتاة لها شعر مجعد ، لكنها أقل بشاعة من ذويها ، تحمل فى يدها صندوقا ، فتحته لتكشف عن رأس البروفيسور ويندسون ، وكأنها قربانا ملكيا ، كل ما شغل ماجد فى هذه اللحظة القاتمة ، أن يبلغ الأرض بأمر هذه الكائنات المفزعة ؛ ومن ثم القضاء عليها وأذا به يتحدث فى غضب لما تحاصرونى ؟

نطقت الفتاة بلغة تخلط ما بين العربية واللاتينية : عليك أن تعى ما نقول فى البداية وهذه ستكون مهمتى ، ومضى معهم لما يقرب العام -فقد كان يحتفظ بساعته الرقمية.

وكان خلالها يحاول البحث عن أى جهاز يمكنه من خلاله تحذير الوكالة ، ونقل كافة المعلومات الممكنة ، وبالفعل قد وجد ضالته وجد ما يشبه جهاز الحاسب الآلى ولكنه أكبر حجما لمئات المرات ، قام بتشغيله ، فإذا بملف كامل عن كواكب مجموعة شبرام الشمسية ، ثم ملفا أخر يخص درب التبانه ، والتى يتبعه كوكب الأرض ، وقام بالعديد من التجارب ،التى لا يمكن حصرها حتى بعث رسالته الأخيرة " الأمور تسير هنا على وجه رائع ، الكوكب صالح للزراعة ، يمكن تحلية ماء بحاره ؛ فقليلا ما تهبط الأمطار ، العقبة الوحيدة أمامنا هى القضاء على هذه المخلوقات المقيتة ، انا لا أعلم ما هو مصير زملائى ، لكن أعلم أن البروفيسور ويندسون راح ضحية من أجلنا ..ماجد "

***
القصة 6 
الكاتبة يمنى جاد 
التطبيق الرابع "سم المتعة"
استيقظ ماجد صباحا منزعجا بسبب رنين صديقه المتواصل على هاتفه، جلس على فراشه الوثير ونظر في الساعة الصغيرة المجاورة له ليجدها الثامنة صباحا، فتحرك سريعا من مكانه ليتجهز من أجل الذهاب إلى العمل.

بعدما انتهى اتجه إلى غرفة صديقه المجاورة له ليقابله بإبتسامة مشرقة ووجه يشع بالحماس؛ فاليوم هو يومهما الأول في العمل الذي سيطر على أحلامهما منذ الصغر، وهو العمل في أحد الشركات المتخصصة بالفضاء وكل ما يتعلق به، فدرسوا بجهد طوال السنوات الماضية حتى قدمت إليهم الجامعة هذه المنحة على طبق من ذهب.

وجدا السائق في إنتظارهما بالأسفل فنظر له صديقه أحمد قائلا: الزهر هيلعب معانا أخيرا ولا أيه؟

ضحك ماجد كثيرا من نبرته الساخرة وأخبره: يا عم أسكت متفضحناش من أولها.
تحركت السيارة وأخذا يراقبان كل شيء حولهما بإنبهار جلي حتى وصلت السيارة إلى الشركة فازداد إنبهارهما أكثر وأكثر؛ حيث كانا أمام عدة مبناني ضخمة واجهتها الخارجية من الزجاج وشاهقة الارتفاع بشكل مذهل، استقبلهما المدير على البوابة ليرحب بهما بلغته الأجنبية: مرحبا بكم، الشركة وكل العاملين بها سعداء جدا بانضمامكم لعائلتنا، والأن مدير مكتبي سيأخذكم في جولة في المكان ليعرفكم على كل شيء قبل البدء في العمل.
ثم انصرف وتركهما مع مديره لتبدأ رحلتهما إلى المتعة الحقيقية التي طال انتظارها، وقد يكون الهلاك.. من يدري..
سار بهم الانبهار والفضول في جميع طوابق الشركة ومبانيها، فقضوا أكثر من نصف اليوم في التجول، حتى وصلوا إلى الطابق الأخير من أخر بناية، كانوا أمام غرفة زجاجية كبيرة شغلت الطابق كله، كانت بلا سقف وبها صاروخ ضخم، كان هناك لوحة رقمية كبيرة كتب عليها بلغتهم الأجنبية "متبقي شهر على الإقلاع."
انشغل المرافق عنهم لإلقاء التحية على أحد زملائه، فتبادل كل من ماجد وصديقه النظرات العابثة قبل أن يتحركا ببطء شديد ويدخلا من باب الغرفة المفتوح.
وقف أمام الصاروخ وهو يتلمسه بإعجاب شديد، رأى باب صغير له فحاول الدخول منه لينبهر أكثر بإمكانياته الفائقة، نادى صديقه بهدوء لئلا يلفت نظر العاملين بالداخل، توجه أحمد مباشرة لغرفة التحكم وقال لماجد: أنت شايف العظمة اللي أنا شايفها؟
- شايف، حلمنا مش هيتحقق غير هنا.
وعانقه بسعادة ليتراجع أحمد خطوة للخلف فاستند على أول شيء خلفه والذي لم يكن سوى زر الإنطلاق..
وقع كلاهما أرضا ودخل الغرفة فجأة أحد العاملين وهو يصرخ قائلا: ماذا فعلتم؟ من أذن لكم بذلك؟ لم ننتهي من العمل عليه بعد، لم ننتهي، هذه كارثة بكل المقاييس، لقد انتهينا!!
طردهما من الغرفة بعنف، وسرعة الصاروخ تزداد أكثر فأكثر، وقع الجميع على الأرض ونظرات الرعب والهلع تسيطر عليهم، استمرت السرعة في الازداياد لمدة طويلة دون أن يستطيع أحد إيقافه، ثم وبعد وقت طويل توقف وحده بعد أن يئس الجميع منه. دقائق وسمعا صوت الباب الحديدي يفتح ليطل منه كائنات غريبة الشكل والملامح، جذبوهم جميعا من أيديهم واخرجوهم من الصاروخ ليستقر كل فرد على طبق طائر كبير كالذي يظهر في أفلام الكرتون، ما هي إلا دقائق قليلة من ابتعادهم عن الصاروخ حتى شعروا بإنفجار كبير خلفهم اهتز له كل شيء من حولهم.
إلتفت له الكائن فجأة ونظر له قليلا قبل أن يلصق شيء مستدير على عنقه ليفقد وعيه بعد ذلك..
استيقظ بعد مدة لا يدري كم طالت ليجد نفسه في غرفة سوداء تماما إلا من جدار شبه شفاف، ظل جالس دقيقة على الأرض ليستعيد نفسه قبل أن يتحرك متوجها إليه، رأى كائنات غريبة تتجول في الخارج، وضع يده على الجدار ليرتفع الجدار إلى أعلى وكأنه باب.
وقف دقائق يتأمل كل الكائنات حوله، ليس لهم شكل محدد بل أشكال متعددة غير منتظمة، وكل كائن مختلف عن الآخر، من الصعب أن تجد كائنين لهما نفس الشكل، ليس لهم ملامح مثل البشر، بل كل له عين واحدة باختلاف مكانها، لا أذن لديهم، يشبهوننا في الأذن وإن كانت مختلفة فلديهم شيء ضخم يشبهها معلق أعلى رؤوسهم.
المكان حوله غريب لا يحتوي سوى على لون البحيرات الأسود والأحمر للأشجار فقط، وبعض الغرف الصغيرة المربعه كالتي كان فيها متناثرة في الأرجاء.
اقترب منه كائن وهو يقول بلغة غريبة: سعيد لاستيقاظك، ستواجه صعوبة قليلا معنا حتى تتعلم آلية حياتنا.
ثم اختفى قبل أن يرد عليه.
لفت نظره مجموعة كائنات مجتمعة فوق شيء ما على الأرض عن يمنيه، ما إن نظر تجاههم انفض الجمع فجأة وكأنهم كانوا ينتظرون ظهوره، اقترب أكثر فاتضحت الصورة أكثر فوقف مكانه من الصدمة. ما أسوأ شيء قد يراه أكثر من رؤية صديقه يؤكل في كوكب غريب من كائنات أكثر غرابة؟
وقف ينظر له دقائق وقبل أن يقترب منه شعر بكائن يسحبه من يده سريعا وهو مغيب لا يرى سوى صورة صديقه ليذهب به داخل مبنى غريب ثم يلقيه في أحد الغرف ويرحل كل هذا ومنظر رفيقه وهو ملقى على الأرض غارق في دمائه وبطنه مفتوحة وقد استخرج منها كل شيء لا يغيب عن باله خاصة وهو السبب في كل ذلك، ما أبشع أن تتلقى سم الهلاك في عسل المتعة دون أن تشعر حتى وإن كان هذا غير متعمد!
نظر حوله في الغرفة يستكشفها وجدها خالية تماما كالغرفة الأولى، فخرج منها يستكشف المبنى، دخل غرف الطابق كلها ليجدها مثل غرفته تماما، حتى وصل إلى الغرفة الأخيرة فوجد فيها أجهزة كثيرة تشبه الكمبيوتر إلى حد كبير وإن كان به بعض الاختلافات، حاول تشغيل أحدهم ولكنه لم يستطع، لكنه وجد ورقة صغيرة مطوية ملتصقة على الحائط لها ملمس غريب لا يشبه الورق في شيء، فتحها ليجد أنها دليل الاستخدام، ولكن قبل أن يحاول قراءة أي شيء فيها دخل كائن أخر وسحبه إلى غرفته. انتظر حتى اليوم التالي وظل يحاول مع الجهاز لوقت طويل حتى استطاع بعد كثير من الأيام والسهر والجهد والمعاناة في الهرب من تلك الكائنات أن يبعث رسالة إلى الشركة وقد قضى تلك الأيام في التعرف على كل شيء في هذا المكان الغريب.
"أنا أسف على كل ما حدث وعلى كل الأرواح التي فقدت بسبب حركة متهورة ولكن فضول المرء قاتله، اعتبروا أنني بهذا الخطاب أحاول التكفير عن جزء من ذنبي.
الكائنات هنا لا تشبه أي شيء قد تتخيلوه، ولا حتى الكوكب، تقريبا الكوكب كله عبارة عن 50% ماء و50% نبات هذا وإن صحت هذه التسمية ولكن هذا أقرب شيء لما نعرفه. به ماء غريب اللون والطعم، لا يصلح لنا ولكنهم يعيشون عليه بجانب تناول أجساد بعض المتطفلين مثلنا بعد الإنتهاء من فحصهم، لون المياه أسود قاتم، ليست سائله ولكنها لزجة بشكل مثير للتقزز. والنباتات منتشرة في كل الأرجاء ألوانها تتدرج باللون الأحمر، ليس لها طعم، ولكنها ليس لها ضرر كالماء فآخر شخص شرب منها لم يأخذ ثانية حتى ليسقط أمامي على الأرض وقد فقد نبضه لسبب مجهول.
يستحيل أن تجد مكان هنا خالي من بحيرة واحدة على الأقل بمجموعة هائلة من الأشجار الضخمة المتراصة حولها.
رغم ما قد يبدو عليه كوكبهم من البدائية والجهل إلا أنهم أكثر تقدما حتى من المسافة بيننا وبينهم. إن استطاع أحد الوصول إلى هنا والنجاة بينهم والعودة إلى الأرض مرة أخرى سيكون هذا المكان أكبر إنجاز في تاريخ البشرية كلها."
كتب كلمته الأخيرة وظل ينظر لها وهو يفكر لدقائق قد تكون الأخيرة أيضا، متعتهم الوحيدة لم تكن أكثر من طريق ممهد بالورود للهلاك.. ولكن يكفي أنهم شعروا بلذة الإنتصار في البداية على الأقل.

انتهى ماجد من كتابة الخطاب الأخير على جهاز الحاسب الكوني الذي عرف كيف يستخدمه أخيرًا, تلفت حوله في فزع لربما كان أحدهم قد وصل , قام بضبط احداثيات الارسال على الجهاز ليرسل الرسالة إلى كوكب الأرض , مع سماعه لصوت حركة في الرواق الخارجي تقترب من الباب نحوه ..
ضغط زر الإرسال وهو يعرف أنه آخر شيء سيقوم به , لكنه الآن على استعداد لمواجهة مصيره في راحة بعد أن استطاع نقل ما حدث مع رفاقه ومعه وكيف التقطهم هؤلاء القوم قبل أن تنفجر مركبتهم الفضائية على بعد آلاف السنين الضوئية من الأرض , هل أكلوا زملائه ؟ هل قاموا بتشريحهم للحصول على معلومات ؟ لا يعلم لكنه يعلم أنه الأكثر حظًا لأنه بقي حتى هذه اللحظة , لأنه استطاع إرسال رسالته وهو يعلم أن الخبراء في الأرض الآن يحسبوهم هالكين من هول الانفجار .
لم يستطع أن يرهق عقله أكثر وهو يحول بصره نحو الباب الذي فتح ليظهر على عتبته ذلك الكائن المكلف بحراسته , تلك الكائنات التي لا يستطيع النظر في وجهها لأنها تؤذي بصره , قال له الكائن بلغته الغريبة التي لقنوها اياه :
- أنت أحمق كبير , منذ عام ونحن ننتظر أن ترسل هذه الرسالة لنعرف من أي كوكب أتيت فمن الجلي أنه صالح لنا, علمناك لغتنا واستخدام حاسبنا , أما الآن فسيسعدنا أن تنضم لطاقمنا الطبي فهم بحاجة لفأر جديد للتجارب .
ويندفع كائنين شبيهين به من خلفه منطلقين نحو ماجد الذي ظهر الهلع على ملامحه وهو يفكر هل كان ما أرسله للأرض كافيًا , يحاول التملص والقفز يمينًا أو يسارًا , لكن أحدهما يقذفه بطلقة صاعقة , يسقط وبعد لحظة يستقر محمولا على كتف الكائن الاول مغشيا عليه لبعض الوقت , بعد ساعة يفيق للمرة الأخيرة ليتوقف قلبه أخيرًا من صدمة عصبية ألمت به وهو يشعر بنفسه مقيدًا إلى مائدة بينما يمسك كائن ما بجزء داخلي من جسده ويرفعه أمام عينيه .
- تمت -
***


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجتمع مصر

اقتن نسختك الآن

اقتن نسختك الآن

التبادل الاعلانى

Discussion

جميع الحقوق محفوظه © دار إنسان للنشر

تصميم الورشه